ماذا أستورد ؟ الفكرة والمنتج
ماذا أستورد؟ سؤال يتكرر كثيراً عند معظم الذين يدخلون عالم التجارة الدولية, وخاصةً مع التطور الكبير للتجارة الإلكترونية التي فتحت جميع الأسواق العالمية أمام المستهلك, فعملية اختيار منتج مربح ومناسب للسوق هي واحدة من أهم العوامل التي تساهم في نجاح أو فشل المشاريع التجارية سواءً المشاريع الصغيرة أو حتى المتوسطة والكبيرة, والإجابة على هذا السؤال تعتمد على عدة عوامل ومقاييس, وهذه العوامل تختلف من شخص إلى آخر وتتعلق بإمكانيات المستورد ودراسة دقيقة للسوق المستهدف وللظروف المحيطة بهذا السوق. ولكي تتمكن من تحديد المنتج المناسب لك يجب عليك أولاً معرفة المفهوم الصحيح للإستيراد.
ما هو المفهوم الصحيح للاستيراد ؟
يعتقد الكثير من المستوردين والتجار أن الاستيراد هو عملية شراء المنتجات والسلع من الأسواق التجارية العالمية إلى الأسواق المحلية أو الأسوق المستهدفة, ولكن الحقيقة أن الاستيراد تطور بشكل كبير جداً ولم يعد يقتصر على هذا النوع فقط, وإنما أصبح يشمل أنواع كثيرة مثل استيراد نماذج الأعمال, استيراد الأفكار, استيراد التكنولوجيا, استيراد المصانع وخطوط الانتاج, استيراد العقول والخبرات ثم يأتي استيراد المنتجات والسلع بالدرجة الأخيرة, والسبب أن استيراد المنتجات يعتبر عملية استهلاكية لا أكثر, أما بقية الأنواع فهي عمليات إنتاجية وتطويرية وتنموية, لا تقتصر على الاستهلاك فقط. وإن أفضل الأنواع المذكورة على الإطلاق هي استيراد المصانع وخطوط الإنتاج لأنها تعمل على تطوير الاقتصاد بشكل كبير وتتيح فرص عمل واسعة وتزيد القوة الإنتاجية للبلد المستورد.
اختيار المنتج يختلف باختلاف الأشخاص
ولكي تستطيع تحديد المنتجات الرابحة والمناسبة والأسواق المغرية, هناك مداخل رئيسية للتجارة الدولية تساعد بشكل كبير في تحديد السوق أو المنتج, حيث أن معظم المستوردين دخلوا السوق عبر واحدة من هذه المداخل التي نشاركها معكم.
مداخل التجارة الدولية
هناك ثماني مداخل رئيسية وهي:
أولاً: حلول لمشاكل
إن من أفضل أساليب تحديد المنتجات هو البحث عن مشاكل المستهلك في السوق المستهدف وإيجاد منتج يقوم بحل هذه المشاكل, فعلى سبيل المثال إن كان المستهلك يعاني من مشاكل في قطاع الكهرباء والطاقة يمكن استيراد منتجات الطاقات المتجددة كألواح الطاقة الشمسية أو التوربينات, ويمكن أيضاً استيراد عازل لزجاج السيارات في المناطق الصحراوية , فبسبب احتكاك زجاج السيارة مع الرمال عند القيادة بسرعة يحصل خدوش في الزجاج يؤدي إلى تلفه لذا يشكل العازل حلاً مثالياً لهؤلاء الأشخاص بحيث يوفر عليه تغيير كامل زجاج السيارة.
هناك أشخاص كثيرون أصبحوا أغنياء وكونوا ثروة كبيرة بسبب تركيزهم على منتجات تقدم حلول لمشاكل المستهلك
ثانياً: إدخال منتجات جديدة
لا يخفى علينا التنافس الكبير بين الدول المنتجة في تطوير المنتجات وابتكار منتجات جديدة, فمن الأساليب التي حققت نجاحاً مبهراً لعدد كبير من المستوردين هو أسلوب إدخال منتجات جديدة إلى الأسواق, ولكن يجب الانتباه إلى أن هذا الأسلوب يحتاج إلى السفر وحضور المعارض لاستكشاف المنتجات الجديدة أو حتى حضور المعارض أونلاين مثل معرض كانتون الشهير, ويجب أيضاً اختبار السوق بعينات من هذا المنتج قبل استيراد كميات كبيرة من أجل قياس تقبل السوق لهذا المنتج.
ثالثاً: تغطية السوق
إن من أكثر الأساليب المتبعة بين التجار والمستوردين هو أسلوب دراسة تقسيمات وحاجات السوق والمنتجات الأكثر طلباً لكل شريحة على حدى والعمل على تغطية جزئية معينة في هذا السوق, فيمكن تقسيم السوق بناءً على الجغرافيا أو على الاهتمامات أو على الطبقات الاجتماعية ودراسة منتجات هذه الفئة وأي المنتجات التي عليها طلب عالي ولكن لا توجد تغطية كافية لها في السوق. ونعرف مستوردين ركزوا فقط على جزئية بسيطة من السوق ونجحوا نجاح كبير من خلال هذا المدخل.
رابعاً: الدخول في المنافسة
إعلم عزيزي أنك عندما تجد منافسة عالية في قطاع معين أو على منتج معين فلا بد أن هناك طلب كبير على هذا المنتج أو القطاع, فمن أحد مداخل التجارة الدولية هو الدخول في المنافسة مع إيجاد ميزات تنافسية جديدة تجعلك تدخل المنافسة بقوة وتبيع منتجك بشكل كبير وخاصةً اليوم في ظل تطور التجارة الإلكترونية حيث أن السوق أصبح مفتوح للجميع ويمكنك الوصول للمستهلك في أي مكان في العالم وبسهولة كبيرة.
خامساً: العلاقات
إن العلاقات هي مدخل كبير جداً من مداخل التجارة الدولية فهي تفتح أمامك آفاق واسعة حيث يمكنك الاستفادة منها بشكل كبير, فعلى سبيل المثال حتى وإن كنت لا تملك رأس مال كافي أو ينقصك خبرة معينة في أحد المجالات فتستطيع تعويض هذا النقص من خلال العلاقات مع أشخاص يمتلكون هذه المقومات أو الخبرات. وننصحك بتطوير خبراتك في مجال التجارة الدولية والاستيراد ومن ثم تطوير علاقاتك من أجل إكمال ما لديك من خبرات.
سادساً: المناقصات
إن مدخل المناقصات هو مدخل كبير جداً من مداخل التجارة الدولية سواءً مناقصات القطاع العام أو حتى القطاع الخاص والشركات, ولكن هذا المجال يحتاج إلى قدرة مالية وخبرة عالية في السوق لجلب أفضل الأسعار وتقديم أقوى العروض لكسب المناقصة. فهو باب فيه ربح كبير ولكن يجب عليك التعلم وكسب الخبرة بشكل كبير قبل الدخول في عالم المناقصات.
سابعاً: فكر بمهنتك
إن من أكبر الأخطاء التي يقع فيها المستوردين الجدد هو العمل في مجال غير مهنته العملية فالأفضل هو البحث عن منتجات وفرص ضمن نفس المهنة التي لديك وذلك يرفع قوتك في مجال الاستيراد ويجعلك تتجنب الكثير من الأخطاء الناجمة عن قلة الخبرة في المجال, ويعطيك الأفضلية عن المستوردين الذين يعملون في غير مهنتهم, فمثلاً إن كنت تعمل في المجال الطبي فعليك البحث عن منتجات مناسبة ضمن نفس المجال والعمل على استيرادها والتجارة بها.
ثامناً: استيراد خطوط الانتاج
لم تعد خطوط الإنتاج كالسابق تحتاج إلى رأس مال كبير , فاليوم مع التطور الكبير في هذا المجال أصبح هناك خطوط إنتاج صغيرة ثمنها لا يتجاوز بضعة آلاف من الدولارات, والعمل في مجال الصناعة وخطوط الإنتاج هو مدخل كبير جداً من مداخل التجارة الدولية , فبدل أن تبقى تنفق المال على استيراد البضائع الجاهزة , يمكنك أن تصبح أنت المصنّع لهذه المنتجات وتصبح التكاليف صغيرة والأرباح كبيرة جداً وخاصةً إن حافظت على الجودة العالية في منتجاتك.
ومن ميزات هذا المدخل أنه ينعش الاقتصاد في بلدك بشكل كبير وويؤمن فرص عمل ويخفف نسبة البطالة ويعود عليك بالفائدة الكبيرة.
إذاً كيف أبدأ؟
بعد أن تعلمت كل ما سبق وعرفت مداخل التجارة الدولية, يأتي هنا السؤال هل أبدأ بدراسة المنتج؟ أم أبدأ بدراسة العميل؟ والحقيقة أن الأفضل هو البدء بدراسة المستهلك ودراسة السوق وحاجات السوق ثم تحديد المنتج ضمن هذا الأساس والسبب أن المنتجات كثيرة ومتطورة باستمرار وكلها ناتجة عن حاجة المستهلك.
ولكن بنفس الوقت المستورد الناجح يمكنه أن يبدأ بأي منهما فيمكن أن يجد منتج جيد جداً ثم يبدأ بتسويقه والبحث عن العميل المناسب لترويج المنتج له. ولكن ننصح كمبتدء أن تبدأ من حاجات العميل.
أخيراً وبعد أن تعرفت على الطريقة الصحيحة لاختيار المنتج المناسب والمداخل التي تستطيع من خلالها دخول عالم التجارة الدولية , ننصحك بشدة أن تطور نفسك وتتعلم , لأن العلم هو الأساس , ومع التطور المتسارع للتجارة الدولية والإلكترونية لا بد من التعلم المستمر ومواكبة السوق والأدوات التي تطور مشروعك , وبعد فترة قصيرة سيصبح المتعلم هو المتحكم وهو المسيطر, ولن يبقى في السوق إلا المتعلم.